آخر الأحداث والمستجدات
خريطة الرشوة بمدينة مكناس ( نتيجة استبيان)

في استبيان مباشر مع المواطن المكناسي ،وبسؤال شفهي يتيم حول الرشوة ،وبصياغة أبسط : واش سبق ليك دورتي مع شي حد باش تقضي شي غرض ؟ أو : هل سبق لك أن أقدمت على فعل الرشوة مقابل خدمة ما ؟
تم اختيار عينة من مواطني مدينة مكناس ، فئة مستهدفة اعتباطية من حيث اختيارها وتحديدها من جانب الجنس والسن ،وغطت وبشكل عادل الأحياء الحضرية من حيث الوصف النوعي للفئة الضابطة شعبية أو راقية (مقياس التحديد من جانب السكن والوسط الاجتماعي). مع الارتكاز على معادلة الانصاف من جهة اعتمادنا على مقاربة النوع التي تحكم بنيتنا السكانية .
اذا عفوية السؤال وسرعة الاجابة عنه بالنفي أو الايجابي ، وزع جهد البحث والتقصي بين الانطباعية وتكوين شبكة لخريطة الرشوة بالمدينة ولو بشكل افتراضي . لقد تم حصر العينة الضابطة في ألف مستجوب ومستوجبة على المربع الحضري للمدينة رغم ترامي أطرافها وهوامشها.
وبعد تمام العدد بتمام عشرة أيام من العمل الشاق من حيث التنقل ومن جانب تعامل المكناسيين بكل أريحية مع السؤال ولو بالابتسامة والانسحاب من ساحة الاحراج . تمت عملية تفريغ النتائج الاولية والتي أنقل اليكم مداخلها الصغرى في هذا المقال ...
لم يكن لدينا أدنى شك من نسبة حصول فعل الرشوة بالمدينة الاسماعيلية ، وانتفائها ، لأننا سمعنا غير ما مرة الى الايجاب بنعم أكثر من لا ، في حين صدمنا كثيرا من لا يراعي أدنى اهتمام لفعل الرشوة وهذا شأن ذاتي يهمه صاحبه .
فلم تكن كثلة المقرين والمقرات بأمر الرشوة إلا الكفة التى أفقدت ميزان المعادلة توازنها المنطقي،ولنستوثق من ذلك نلحظ الجدول بياني التالي :
تفريغ نتيجة الاستبيان الشفهي |
من أجاب ب "نعم " |
من أجاب ب "لا " |
من لا رأي له /او غير معني بالأمر |
|||||||||
الذكور |
الاناث |
الذكور |
الاناث |
الذكور |
الاناث |
|||||||
وسط شعبي |
وسط راق |
وسط شعبي |
وسط راق |
وسط شعبي |
وسط راق |
وسط شعبي |
وسط راق |
وسط شعبي |
وسط راق |
وسط شعبي |
وسط راق |
|
170 |
172 |
47 |
46 |
34 |
42 |
122 |
81 |
46 |
36 |
81 |
123 |
|
المجموع |
342 |
93 |
76 |
203 |
82 |
204 |
أولى الملاحظات التي استوقفتنا كدلالة وهي الكتلة الصامتة في الاستجواب المباشر للاستبيان ، حيث ان نسبتها فاقت خمس العينة الضابطة 20.4% ،فيما قارب النصف من عدد الاناث المستجوبات 40.80 %. فلم يبق أمامنا إلا علامة الاستفهام التي فرضت نفسها علينا بقوة حجم الصامتين والصامتات عن فعل الرشوة .
انتظرنا من سؤالنا المؤجل مجموعة من الاجابات ،إلا مكره المنهجي من جانب أن كل علة صغناها فهي افتراضية وليست قطعية السند ، لكننا عقدنا عزمنا بنية خالصة على ذكر كل ما من شأنه تكميم الأفواه طوعا عن الكلام المباح من حيث :
1-احجام العنصر الانثوي عن ابداء الرأي ،نسبة الرفض في الوسط الشعبي 16,20%،أما الوسط الراقي : 24.60%.
2-اعتبار أمر الرشوة من طرف العنصر الأنثوي ثانوي في ترتييب الأولويات ما دامت غالبية الاناث مرتبطة بالمنزل كربات بيوت
3-احتشام العنصر الانثوي من الخوض في أمر الرشوة وكأنه من اختصاص الذكور
فيما كان الصمت عن فعل الرشوة عند جنس الذكور أقل حدة حيث كانت نسبة الصامتين بشكل عام هي : 08.20%. وتساوت النسب تقريبا بين الوسطين بفرق 1.00%،ومن الملاحظات الاولية توصلنا الى :
1- هناك عينة من الذكور لا تعير فعل الرشوة اهتماما أو تستصغره
2-سلبية التعامل مع فعل الرشوة كأنها قدر محتوم عند المغاربة
3-ضبابية قرار الفئة الصامتة من حيث رأيها في فعل الرشوة
وفي انتقالنا الى من أقر بفعل الرشوة فإننا وقفنا عن حجم هول الأمر حيث أن الحصيص التام نسبته لامست تقريبا النصف 43,50% ، والغريب في الامر أن أكثر من ثلثي المقرين بفعل الرشوة هم من الذكور بنسبة ( 34,20% ) . وبتقليبنا الحثيث عن الاسباب توصلنا الى المعطيات التالية :
1-الذكور هم أكثر تعاملا مع الادارة
2-الذكور أكثر جرأة من الاناث
3-الذكور تخطو حاجز الصمت فيما يهم فعل الرشوة
ومن الملاحظة القوية التي فرضت نفسها علينا تساوي أعداد من أقر بفعل الرشوة بين الوسطين ، فيما كان حضور فعل الرشوة بمن أقرها من الجنس الانثوي غير قوي بالوسط المكناسي حيث بلغت النسبة من الكتلة التامة للمستجوبين : 9,30% ، مع الاشارة كذلك بعدم تباين بين الوسطين حيث الفرق نسبته تلامس 2.12%.
وإذا سلمنا أولا بذكورية الرشوة بمكناس فإننا لا نخلي سبيل الإناث ، وإنما نحيي فئة الاناث على قوة اخلاقهن بتمسكهن بالقيم الوطنية واحترامهن للقانون كحامي لقيم المجتمع وضابط للعيش الشريف . فنسبة ممارسة فعل الرشوة بين الجنس الانثوي بلغ 18.60% وهي نسبة تساوي تقريبا الجانب الاخر لرافضات فعل الرشوة او الصامتات عنها ....
وحتى لا نبخس الكتلة الرافضة لفعل الرشوة حقها ، أو لم تمارسها او تفكر فيها بالبتة ،فإننا نقر بأن وزنها اثره وازن بنسبة 27,9% ، في حين اذا ما اعتبرنا الفئة الصامتة من ضفة الرافضين فإننا نحقق النسبة التالية وهي : 56,5% وهذا يوطن قولنا ان التغيرات في السلوكات الاجتماعية للمواطن المكناسي لا زالت تتسم بقوة الاخلاق والقيم.
اما في ما يعود الى مرجعية الجنس فالإناث مثلوا نسبة 40.70% أي ما يناهز النصف العام من الكتلة الكلية للمستجوبات ، وهذا ما سبق تبيانه سابقا من عدم انخراط الاناث في فعل الرشوة بينما العدد قل الى مستوى الخمس عند كتلة الذكور وكأننا نقر بأن شأن الرشوة هو من اختصاصهم بنسبة 15.30% .
لا عليكم فالأرقام تفضحنا رغم ان العملية تلبس ثوب الانطباعية والاستشارية ، لنرجع الى الجدول من حيث الوسط الذي تنط منه الرشوة من جيوب المواطنين تجاه الايادي الملوثة . فيما أجابوا بالإيجاب عن فعل الرشوة بين الذكور فيما يهم الوسط الاجتماعي فهم في تساو مقترب النسبة والعدد ، اما بين الاناث فيما يهم الوسط فقد كان التساوي سيد الموقف ، فيما لم يكن هناك أي تأثير للوسط أو أي ضغط له على من استباحوا فعل الرشوة .
والقضية هذه نجرها الى رافضي فعل الرشوة بعدم ممارستها حيث نجد عدم التباعد في كتلة الذكور بين الوسطين فيما تباعدت الارقام عندما نفحص شق الاناث بتقابلية الوسطين ، وعند وضع مكبر الصورة على الامر وجدنا:
1-شعبية الوسط عبرت عن ذاتها بكل صراحة تام وبدون احتشام
2-غالبية الاناث من الفئة الشعبية يمكن تصنيفها من الفئة غير العاملة من خلال عدم احتكاكها بالمحيط الاجتماعي والإداري
3-انطواء الفئة الراقية من الاناث على نفسها وكأن فعل الرشوة لا يشغلها ، وليس من بين أولوياتها
أما المربع السلبي الذي لا رأي له أو غير معني بأمر فعل الرشوة فأهم الملاحظات التي استوقفتنا هي :
1. ما يناهز النصف من الاناث أقر بالصمت المطلق
2.ما يناهز النصف من اناث الوسط الاجتماعي الراقي للإناث تعامل بسلبية مع السؤال
ملاحظات:
من الصعب بناء بحث علمي حول ظاهرة اجتماعية كفعل الرشوة لأن هناك صعوبات تلحق الموضوع من حيث تحديد الفئة المستهدفة فضلا عن مصداقية الجواب أو اعتبار الأمر من أبواب الفساد التي لا يمكن أن تسد بسؤال يتيم أساسه انطباعي لحظي ....من الصعب تفريغ النتائج المستخلصة دون الوقوع في مطبات الذاتية وأحكام القيمة المسبقة ....
خلاصة:
أود أن أشير أن الاستبيان لفعل الرشوة هذا ، هو بحث عن انطباعية خص بها المواطن المكناسي حول ظاهرة فعل الرشوة .لا نقول بأنه بحث علمي ونتائجه موثوقة وإنما الامر ما هو إلا دق لناقوس الخطر الذي اصبح يلج المدينة من ابوابها الكبرى ، وتكسير لطابو المسكوت عنه.
أسئلة كثيرة تطرح حول الظاهرة وسلبتها المرجعية على قيم المجتمع تتناسل عندنا ، لكننا اثرنا البحث بكل بساطته عن فعل الرشوة ولو بحدوده الدنيا ....
ان التحول المكناسيين من مجتمع تقليدي البنية الى مجتمع استهلاكي هو ما وطن الفجوة بين الحق في معيارته وبين الباطل كفعل اجتماعي يمارس بكل أريحية ووثوقية بالرغم من مجانبته لسلطة الدين والقانون . فالقيم فقدت سلطتها عندما حنطناها عبر لوحات تزيين وقمنا بتعليقها للزينة ببيوتنا . فالقيم أخلاق عنايتها انسابت بين أصابعنا في مدارسنا المغربية من حيث اباحية الغش الممارس في الامتحانات والانتقال بالمدرسة من دور التربية والتعليم الى دور التعليم بكل إخفاقاته المسجلة.
لا أخفيكم القول فإننا نعيش أزمة قيم ،أزمة مرحلة انتقالية ان لم نحسن اختياراتنا سقطنا في الهوة السحيقة ...ففعل الرشوة رسم خطوط العرض والطول ضمن الخريطة المكناسية للساكنة عبر:
- وجود فعل الرشوة بشكل أقل حدة وفي حده الاصغر
- ممارسة فعل الرشوة باحتشام
- الوسط الاجتماعي لا دخل له في تصريف فعل الرشوة
- خريطة الرشوة خطت جل مكونات المجتمع المكناسي
ابتغي البدائل في حرب قانونية وأخلاقية ومدنية على فعل الرشوة .فإخراجها من جحر المسكوت عنها الى العلانية المكشوفة ، واقتناصها بالتصويب والإصلاح . أود الاحتفال بمكناس بيوم الأيادي البيضاء ضمن خطة مدينة تضع أصالتها المغربية واجبة الحضور ،وحداثة قطاعاتها تنمية مستدامة لقيم الأخلاق والسلوكيات السليمة لبناء مغرب المواطنة.
الكاتب : | محسن الاكرمين |
المصدر : | هيئة تحرير مكناس بريس |
التاريخ : | 2013-11-24 21:57:47 |